الأحد، 15 مايو 2016

يوميات مبتعث 6 - انتهى الفصل الدراسي و ابتدأت الحياة

انتهى الفصل الدراسي و ابتدأت الحياة
انتهى الفصل الدراسي الماضي و انقضى بما فيه من مطبات و هضاب, و لا أخفي سراً إن بحت بمدى سعادتي بانتهاء هذا الفصل الشاق جسدياً و نفسياً. لكن بنفس مقدار سعادتي بانقضاء الفصل, يراودني شعور آخر غريب. شعور فرح بتخرج أخي عبدالرحمن الرشيدي, يخالجه حزن دفين لفراقه في نفس الوقت. كنت و لا زلت أتمنى له كل التوفيق في قادم أيامه, أتمنى له أفضل المناصب العملية و السعادة التامة في حياته الزوجية. لكن سأكون أنانياً و أعلن أنني كنت أتمنى أن نتخرج سوياً, لأنني لا أعرف كيف ستكون الحياة في ديتون و قد افتقدت أهم ركائزها. في الحقيقة أظن أنني أستطيع توقع شكلها, فهي مثيرة للشفقة كالمرأة التي شاخت و ظهرت عليها تجاعيد الزمان. غير مفهومة, كالطفل الذي فقد أسنانه و بدأ يلدغ بالكلام. ضائعة, كأحلام رجل طارت في مهب الريح.
هناك أشخاص تعرفهم ثم تنساهم بعد أول فراق, و هناك أشخاص يسكنون قلبك لفترة, قبل أن يأتي غيرهم و يملئ ذلك الفراغ, ثم هنالك عبدالرحمن. هو كتلك الأسطورة التي تحول كل شيءٍ إلى ذهب بمجرد لمسها, فهو يحول الغربة إلى وطن بمجرد وجوده. علمني عبدالرحمن حب الوطن, فهو لا يرى في موطنه إلا كل جميل. علمني عبدالرحمن معنى الإصرار, فهو من ضحّى بوظيفته من أجل الدراسة. علمني كيف يكون الكرم بلا مبالغة ولا تفاخر.
نعم أعلم بأنه ركب الطائرة متوجهاً إلى السعودية, لكن إلى هذه اللحظة لم أفهم ذلك. أشعر بأنه سيطرق باب غرفتي في أي لحظة ليوقظني لصلاة الفجر. أشعر بأنني سوف أسمع صوته يجعجع في المنزل " هذا الكلام, مسوين قهوة؟ ".

هو مكسب, و كم كان قدري جميل عندما جمعنا سوياً بلا سابق معرفة ولا تخطيط.

  • هذا عمل بسيط أهديه إلى عبدالرحمن




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق