الثلاثاء، 31 مايو 2016

خواطر مبتعث 3 - قل للمليحة



          قد يحاول الشخص أحياناً كتمانَ ما في خاطره, لكن بعض الأحاسيس لا تَفْتَئُ تفتك بصاحبها حتى يبوحَ بها. لكن البوح في نفس الوقت قد يجلب المزيد من المتاعب, و التي قد تكون في غنى عنها. فتُتُرَكُ تلك الأحاسيس لرياح الزمن, و يُدفن ذلك الحب في ذلك القلب الأجوف. ليعود لها المسكين, باكياُ على أطلال حلمٍ كان جميلاُ في يومٍ من الأيام.

·       قل للمليحة هل تريح فتاها
                                           يغفوا ثوانٍ لا يريد لقاها...
·       هي فِكْرُه عند اليقوظ و حين إذ
                                           يرنوا بنفسه يرتجي نسياها...
·       لا لا تكاد تفارق عقله
                                           تغدوا و ترجع نحو قلب هواها...
·       غصّت حياته بالهموم لكنها
                                           عند الحقيقة لم تُعِرِ انتباها...
·       وقفت " أُحِبُّكِ " على شَفِير لسانه
                                           لم يستطع بالبوح حين رآها...

خواطر مبتعث 2 - حلف الفؤاد



يُقال: اليد الواحدة لا تُصَفق. كذلك الحب من طرف واحد, عقيمٌ لا يُثمر. أخالفكم, فبعيداً عن معاني الإرتباط في الحب, فهو جنةٌ لصاحبه, يرنوا لها كلما أذاقته الدنيا صنوف العذاب. قد يكون الحب في بعض الحالات خيالياُ, ليس إلا ذلك الطيف المُبتَكَر, يُفضي إليه الشخص كلما تَدَفّق قلمه.

·       حلفَ الفُؤادُ و ليس بِحَانِثٍ
إذْ رامَ نَجماً ساطعاً بِسَماءِ ...
·       هل كان مثلك في الوجود صبيةٌ
تعلوا على أقرانها بِسَنَاءِ ...
·       ذبُلَتْ مُرُوجٌ في حُضُورِ جمالها
حتى البدور تساقطت بسماءِ ...
·       قد أشرقت حين المغيب و خلتها
دَنَتِ القيامةُ فالتزمت دعاءِ ...
·       إن كانَ يا ربّي بَقِيَّةُ ساعةٍ
خُذني إليها فقد آثرتها بصفاءِ ...

خواطر مبتعث 1- حانَ الوداعُ و عينُ أُمِّي باكِية


كانت تلك اللحظات المبهمة, قُبَيل سفرتي الأخيرة من السعودية إلى أمريكا. حيث لا أكون فيها بكامل قواي العقلية. يُشْطَرُ عقلي حينها إلى نصفين, نصفٌ سبقني إلى بلاد "المنفى" المُسمّاة بأمريكا, و النصف الآخر يتشبث بالأرض لا يريد فراقها. أما القلب! فلا تسأل عنه, فقد مات شوقاً ألف مرة.

حانَ الوداعُ و عينُ أُمِّي باكِية
أزفَ الرحيلُ و حانَ وقتُ وداعية!
هي نعمةٌ؟ أم نقمةٌ؟
لا تَسْأَلَنّ فَلَسْتُ أعرفُ ما هي(ة)!
أغني من الوصفِ, شُرُودُ ذِهنِي
تَيَهَانُ عَقْلِي هو للبصير جَوَابية!
لا لستُ مُبتعداً, ولا مُتباعداً
لولا الدراسةُ مَا بَرحتُ مَكَانية!
كُتب الغيابُ عَلَيَّ, وَ أَن أعيشَ مُغَرَّبَاً
أَشَتَاقُ يَوْمَاً, وَ أَنْسَى لَيْلَةً, و أُخْرَى أُرِيدُ بأن أعُودَ بِثانِية!
عَجِزَ اللِّسَانُ عنِ الكَلامِ فجَاوبَت
نَبَضَاتُ قًلبِي, لا تَجْزَعَنَّ و لا تَكُونَ كَبَاكِيَة!
ما من فِراقٍ ولا بُعدٍ و لا سَفَرٍ
إلا وَ مِن بعدِ المَغِيبِ تَلاقِيَة!
يَهْوَى الفُؤادُ بِلادَاً لِرِفْقَةِ صَاحِبٍ
فَكَيْفَ وَ شَعْبُ أَرْضِي كُلُّهُمْ أَصْحَابِيَة؟






الأحد، 15 مايو 2016

يوميات مبتعث 6 - انتهى الفصل الدراسي و ابتدأت الحياة

انتهى الفصل الدراسي و ابتدأت الحياة
انتهى الفصل الدراسي الماضي و انقضى بما فيه من مطبات و هضاب, و لا أخفي سراً إن بحت بمدى سعادتي بانتهاء هذا الفصل الشاق جسدياً و نفسياً. لكن بنفس مقدار سعادتي بانقضاء الفصل, يراودني شعور آخر غريب. شعور فرح بتخرج أخي عبدالرحمن الرشيدي, يخالجه حزن دفين لفراقه في نفس الوقت. كنت و لا زلت أتمنى له كل التوفيق في قادم أيامه, أتمنى له أفضل المناصب العملية و السعادة التامة في حياته الزوجية. لكن سأكون أنانياً و أعلن أنني كنت أتمنى أن نتخرج سوياً, لأنني لا أعرف كيف ستكون الحياة في ديتون و قد افتقدت أهم ركائزها. في الحقيقة أظن أنني أستطيع توقع شكلها, فهي مثيرة للشفقة كالمرأة التي شاخت و ظهرت عليها تجاعيد الزمان. غير مفهومة, كالطفل الذي فقد أسنانه و بدأ يلدغ بالكلام. ضائعة, كأحلام رجل طارت في مهب الريح.
هناك أشخاص تعرفهم ثم تنساهم بعد أول فراق, و هناك أشخاص يسكنون قلبك لفترة, قبل أن يأتي غيرهم و يملئ ذلك الفراغ, ثم هنالك عبدالرحمن. هو كتلك الأسطورة التي تحول كل شيءٍ إلى ذهب بمجرد لمسها, فهو يحول الغربة إلى وطن بمجرد وجوده. علمني عبدالرحمن حب الوطن, فهو لا يرى في موطنه إلا كل جميل. علمني عبدالرحمن معنى الإصرار, فهو من ضحّى بوظيفته من أجل الدراسة. علمني كيف يكون الكرم بلا مبالغة ولا تفاخر.
نعم أعلم بأنه ركب الطائرة متوجهاً إلى السعودية, لكن إلى هذه اللحظة لم أفهم ذلك. أشعر بأنه سيطرق باب غرفتي في أي لحظة ليوقظني لصلاة الفجر. أشعر بأنني سوف أسمع صوته يجعجع في المنزل " هذا الكلام, مسوين قهوة؟ ".

هو مكسب, و كم كان قدري جميل عندما جمعنا سوياً بلا سابق معرفة ولا تخطيط.

  • هذا عمل بسيط أهديه إلى عبدالرحمن