الاثنين، 7 مارس 2016

كأني بالعرفج يقول للبنانيين "أنا أحرص عليها منك"

عبدالله بن سعيد الرفاعي
@Alrefaie99

كأني بالعرفج يقول للبنانيين "أنا أحرص عليها منك"

     أثار الكاتب السعودي الدكتور أحمد العرفج الجدل في مقالة عنونها بـ"ترحيل اللبنانيّين...رحمة للعالمين" حيث طالب في ثنايا المقال بترحيل جميع اللبنانيين من المملكة العربية السعودية لعدة أسباب تطرق إليها في مقاله.
     في بداية مقالته قال أن التعميم من صفات الجهال و لا مانع أن يكون الإنسان جاهلا أحياناً! قد ينظر لها هُو كشجاعة من وجهة نظره و تقديم مصلحة وطنية بغض النظر عن الطرف الآخر، خصوصاً و أنه اعترف بأن ما يمارسه بالتعميم يعد جهلاً, لكنه عوَّل على قوة حجَّته حتَّى و إن عمَّم. و من ما وصف الكاتب اللبنانيّين في مقاله, الآتي "يُعاملون السعوديين بتعالٍ واستخفاف، كما أن نفوس اللبنانيّين كلها نزق، فدائماً نراهم يرتدون البدل من ماركات مُقلّدة، من شوارع الحمراء، ويعملون في التسويق وخطف الإعلانات، بطُرقهم المعروفة –والمشبوهة أحياناً"
     تطرق الكاتب لبعض الصفات الواقعة لزاماً من وجهة نظره ككون اللبناني أصبحت وظيفة وليست جنسية و كون نسبة عالية منهم ينظرون للسعودي بتعالي و يزعمون بإسهامهم الكبير في التنمية الخ...  تطرّق الدكتور حتى لنوعية الملابس و التي وصفها بالمقلدة و من ثم وصف طرقهم في الكسب بالمشبوهة, بغض النظر عن صحة النقطتين المذكورتين من عدمها لا أتوقع أن الدكتور أراد بها المعنى الظاهري فقط, و إنما احتوت على إسقاطات مبطّنة لم يرد أو لم يستطع طرحها بوضوح و الغرض منها هو تهيئ القارئ نفسياً لتقبل الأسباب التي سيذكرها مباشرة بعد هذه الجزئية. فكاتب له باع طويل في الكتابة مثل العرفج يستحيل أن يذكر نقطة بهذه السذاجة -ملابسهم مقلدة- في مقال يحمل رسالة قوية كترحيل اللبنانيّين. خصوصاً و إن استحضرنا سؤال العرفج الشهير للكُتَّاب في برنامج يا هلا بالعرفج, "كيف تتحايل على الرقيب؟"
     ذكر الدكتور أحمد بعد ذلك الأسباب التي دعته للمطالبة بترحيل اللبنانيين قائلاً " هم بشكلٍ عام ينقسمون إلى ثلاثة أصناف: إما طبقة عاملة عادية، فهؤلاء لدينا منهم في السعودية مئات الألوف، وإما أن تكون طبقة عاملة من طبقة “الدشير”، وهؤلاء يجب أن يُرحّلوا قبل الجمعة القادمة، لأننا “يا دوب” نتحمّل “دشيرنا”، أما الصنف الثالث، وهم أصحاب الكفاءات من الطبقة الماهرة، فهؤلاء مُكلِّفين مالياً، نظراً للوضع الاقتصادي المزري، كما أن لبنان أحقّ بهم منّا، خاصَّة وأن لبنان تعرَّض إلى كثير من التدمير، ويحتاج كل سواعد أبناءه لإعادة التعمير." هذا النوع من الأسباب أشبه بالقوالب الجاهزة التي تناسب أي موضوع تريد التحدث فيه. فهو ينطبق على الجميع, بإمكانك أن تسقطه على أي جنسية أخرى فقط بسحب كلمة لبنانيّين و وضع كلمة مصريّين, أو بريطانيّين على سبيل المثال و ستحتفظ بنفس الدرجة من الإقناع.
     هذا النوع من الأسباب يطلق عليه في اللغة الإنجليزية "straw man" أي نظرية الفزّاعة، تبدوا بهيئة رجل منتصب في قلب المزرعة فيثير الرعب في الحيوانات لكنها ليست إلا كومة من القش و أصغر شرارة كفيلة بإحراقها. نظرية الفزاعة تقوم على طرح حجج غير واقعية بغية التَّذَرُّع أو أن تكون الحُجج ليست لذات الهدف الرئيسي من القضية.فوجهة نظري أن الدكتور بحث عن الصخب و إثارة الجدل في المقال أكثر من الواقعية و المنطق في الطرح! فأراد أن يكتب مقالاً قوياً يوازي قوة الخطاب السياسي الحالي للملكة و لكن كانت مشكلته التعميم و فقدانه لبعد النظر في الطرح و عدم دراسة عواقب مطالباته. فالوضع الحالي أي نعم يحتاج إلى مواقف قوية, لكن لا يتحمل هذا النوع من المواقف المُتَّسمة بالتطرف و التي تَفرق الصف و لا تجمعه.
     ختاماً, أنهى الدكتور مقاله بالضرب على وتر المصلحة اللبنانية و أن هذا ليس إلا لمصلحتكم فبلدكم أحق بكم منا. كثيراُ لا يكون اللعب على وتر الأحاسيس و تهيج المشاعر الوطنية, إلا عندما لا تكون هناك أسباب منطقية. خلاصة المقال و كأني بالعرفج يقول للبنانيين "أنا أحرص عليها منك"  




----
كل الإحترام لشخص الدكتور أحمد العرفج, و لا يقصد من هذا المقال الإسائة بل مناقشة الأفكار و تحليلها.