الاثنين، 25 يناير 2016

فضفضة 3 - أريد أن أكون قوياً كامرأة !



أريد أن أكون قوياً كامرأة


          من المؤسف أن نصل إلى القرن العشرين و لا زال البعض منا متخلفاً في القرون المظلمة. التواريخ ليست إلا أرقام إن كانت لا ترتقي بفكر البشر, فلا فرق بين إنسان القرن العشرين و إنسان الكهوف من القرون الأولى, إن كان فكر الأول متحجراً كقساوة تلك الكهوف. جيل اليوم يحضا بقدر وافر من التعليم, لكن للأسف يبدوا أن هذا التعليم لم يتجاوز حد الورقة و القلم. فكل يوم نصطدم بحوادث تثبت لنا أن الكثير متعلم "أكاديمياً" و متخلف "فكرياً". لا فائدة من التعليم إن كان وسيلة لأكل العيش فقط. و لا خير في دين الرجل, إن كان ينتهي بنهاية حصة فقه يلقيها على الطلاب. من أهم صور هذا التخلف الفكري هو احتقار المرأة, أو على الأقل عدم إعطائها منزلتها التي تستحقها.
          ناهيك عن الفضائل الدينية التي حظيت بها المرأة, فهي من المسلمات و ليست محل جدال. ففي نظرة سريعة على روتين المرأة المنتجة اليومي, نجد أنها تستيقظ قبل الفجر, تعد الإفطار لزوجها, تجهز أبنائها للمدارس, ثم تتوجه هي إلى عملها بكل مصاعبه. ابتداءً من مصاعب المواصلات و الذهاب و العودة, إلى مشاكل العمل الاعتيادية. ثم إن عادت إلى بيتها, عليها أن تضع كل ذلك جانباً, ليبدأ عندها "شفت" العمل المسائي, فتعد الطعام, و تغسل و تكنس و قهوة المغرب و الشباب بيجون, إلى آخر ذلك من الأمور الغير مناطة بها شرعاً. "قال العلامة ابن نجيم الحنفي رحمه الله تعالى في البحر الرائق: لأن المرأة لا يجب عليها طاعة الزوج في كل ما يأمر به، إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه خصوصاً إذا كان في أمره إضرار بها." (1) و مع ذلك كله, لا تجدها تتلكأ, و تفعل كل ذلك تفضلاً و كرماً منها. هل أستطيع أنا فعل كل ما تفعل المرأة في يومها؟ لا, لا أعتقد فأنا أفقد أعصابي لمجرد ازدحام مروري, أو حتى بسبب ظروف الطقس. لذلك أتمنى أن أكون صبوراً كامرأة, و أتمنى أن أكون كريماً كامرأة.
          في دراسة قدمت من Ponemon Institute research”  و نشرت على صحيفة الديلي ميل البريطانية (2), كانت نتيجتها أن النساء يعملن بشكل أفضل و أكثر اجتهاداً من الرجال. دراسات أخرى وردت في صحف كبرى مثل التيليغراف (3) و هوفينغتون (4) بوست كان مفادها أن النساء أكثر صدقاً من الرجال و أكثر التزاماً بالأخلاق و القيم. أنظر المراجع نكاد نسمع كل يوم عن قصص فسادٍ ذكورية. نسمع مقاول لم يخلص في إنجاز مشروعٍ ما, أو عن قاضٍ مرتشي, أو عن موظف مختلس. لكن هل سمعت يوماً عن موظفة بنك تتجسس على أرصدة العملاء؟ أو سمعتم عن طبيبة خصصت غرف و أسِرَّة المستشفى للعائلة و الوجاهات و تركت المراجعين يفترشون طرقات المستشفى؟ هل سمعتم عن مديرة مدرسة اختلست أموال الميزانية أو سرقت أموال عمال التنظيف؟ بالعكس تماماً, أنا سمعت عن معلمات اشتروا مولدات كهرباء و مكيفات لمدرستهن التي لم تصلها الكهرباء بعد, و مدرسة البنين على بعد 1 كيلو متر فقط تنعم بالماء و الكهرباء. و تصدم, و على عكس ما ترى, بأنك إذا دخلت لمدرسة البنين, خلت نفسك لثانية في حراج, فالطلاب يسرحون و يمرحون و المبنى شبه متهالك. و قس على ذلك القصص. فلذلك, أتمنى أن أكون صادقاً كامرأة, و أتمنى أن أكون مخلصاً في عملي كامرأة.
          بعد كل هذا, تجد أن رجالاً لازالوا يتعالون على المرأة. فاعلم ياماً غرتك ذكورتك, أنت خرجت من امرأة, و اشتد عودك من لبن امرأة, بكَيتَ و كفكفت دٌموعٌكَ امرأة, مَرِضتَ و سَهِرت ترعاك امرأة, كبرت و طِشتَ و كانت تدعوا لك امرأة, و انتقلت في حياتك من  طفل في حضن امرأة إلى زوج في عش امرأة, فاعترف! فَلَستَ تَستَقِيمُ إلا بامرأة!




ملاحظة: لم يكتب هذا المقال كرد على الشيخ علي المالكي, فهذا المقال تم البدء فيه منذ فترة و لم يتم نشره في هذا الوقت لغرض ركوب الموجة سواءً مع أو ضد.
المراجع
(1) ما يجب على المرأة أن تطيع زوجها فيه و ما لا يجب http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=50343
(2) النساء يعملن بشكل أفضل و أكثر اجتهاداً من الرجال http://www.dailymail.co.uk/femail/article-2285378/Women-DO-work-harder-men-How-female-employees-prone-distraction-likely-job-done.html
(3) النساء أكثر التزاماً بالأخلاق و القيم http://www.telegraph.co.uk/news/science/science-news/9206176/Women-are-more-moral-than-men-survey-says.html

(4) النساء أكثر صدقاً من الرجال        http://www.huffingtonpost.co.uk/2012/04/16/moral-dna-test-womne-more-moral-than-men_n_1428076.html

الجمعة، 22 يناير 2016

فضفضة 2 - أهداف, و لكن مزيفة!




أهداف, و لكن مزيفة!

            بين الفترة و الأخرى و من السنة للثانية, يراجع الإنسان منجزاته, ما له و ما عليه. يرى من أين أتى, و يرسم هدفاً جديد. لتظل عجلة التغيير قائمة من عام لعام. و ما من تغيير إلا و له دوافع, بعضها دوافع حياتية لا مفر منها, و البعض كماليات يزينها في عين الغلبان تشدق الناس بها. من صور الأهداف الشائعة التي يضعها الشخص على مطلع كل حول قراءة كتب أكثر, و الحصول على جسم أفضل. ليس بيني و بين القراء ثأر, و لا أكن "للمعضلين" عداوة. ما أرمي إليه هو أن هذه الأهداف لدى الغالب ليست لدوافع حقيقية.
            هناك فرق بين الأهداف الحقيقية و بين الأهداف المزيفة! كلها تبدوا متشابهة في الظاهر, و لكن الاختلاف يكمن في الجوهر. الأهداف الحقيقة تكون ذات جوهر متين قيم, و الأهداف المزيفة دواخلها خاوية. أمّا أنا فعَدُوٌّ للأهداف المزيفة, و اعتراضي على القراء و الأصحاء إنما جاء إن كان الهدف مزيفاً. أكره أن يقرأ المرء كتباً كي يتصور معه, أو كي يفاخر بالمجالس أنا قرأت أنا فعلت و هو لا زال رضيعاُ في عالم القراءة. أكره أن يذهب الشخص للنادي الرياضي و يرهق نفسه و هدفه التقاط الصور و إغراء الفتيات. أكره حتى إن تعمق الشخص في عالم القراءة, و لكن هدفه أيُ شيء غير العلم, و للعلم ذاته.
            هذه الأهداف المزيفة أوهن من بيت العنكبوت ذاته, لذلك نراها تأتي و تغيب على شكل موضة. انتشرت الكتب و تزايد القراء مع موجة مواقع التواصل الاجتماعي, بل ازداد الموضوع إلى انتشار الكُتَّاب أيضاً. و بزعمي أن كل هذا ليس إلا جعجعة كجعجعة القوارير الفارغة. فالقارئ الذي عرفته منذ الأزل, لم يكن متباهياً. كان العلم يتضح في حديثه, و ليس في تَصنُّعه. الرياضي الفذ الذي عرفته كان سمحاً, تلمس فيه صدقاً الأخلاق الرياضية. لا يملئ الساحة بصور صدره المحقون, و بكلامه المتعالي! لا أقصد الجميع, و لكن لا أقصي الجميع أيضاً. أعتب كثيراً على هذه الشخصيات, و لا أجد وصفاً أبلغ من وصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه

ملئ السنابل تنحني بتواضع          والفارغات رؤوسهن شوامخ

الثلاثاء، 12 يناير 2016

فضفضة - تعريفية




من باب سهولة الوصول إلى المعلومة, فضفضة هي زاوية أخرى أظهر فيها للقارئ و أناقش معه بعض الظواهر التي تجلب الأنظار!


تختلف عن زاوية يوميات مبتعث بكونها لا تناقش الأحداث اليومية و تخلوا من جانب القصص و الخواطر. و إنما أحاول فيها مناقشة بعض الظواهر في المجتمع سلبية كانت أو إيجابية. ويأتي سبب التسمية أن كلمة فضفضة بمعناها الدارج حالياً يأتي بمعنى البوح بما في الصدور تجاه حدث ما، فيُقال فاض النهر أي زاد عن حده و طفح. كذلك المشاعر، تزيد أحياناً ويصبح لا يمكن منعها من الظهور.