فما أنا فاعلٌ برسائلٍ لا صدق فيها؟
لا شك بأن الواتساب أًصبح أكثر من مجرد وسيلة تواصل, و لا
شك بأننا حملناه و هو حملنا أكثر من طاقاتنا. لا تكاد تمر ساعة من نهار بدون أن نتصفح
التطبيق, إما لرسالة واردة أو صورة و غيرها. و مع تعدد أسباب و طرق استخدام الناس
لهذا التطبيق, أشعر بأن الهدف الحقيقي للبرنامج قد تم نسيانه. تجاوز استخدام
الواتساب لدى الكثير من وسيلة تواصل, حتى بدأوا في تنصيبه مناصباً لم يكن ليصلها
من قبل. أصبح الواتساب اليوم منبراً كمنبر الجمعة, فلا تكاد تحصي الرسائل الوعظية
و القصص الدينية اللتي تصل في كل لحظة. ناهيك عن كونه المصدر الأول للشائعات و
الخرافات و مع ذلك يمتاز بمصداقية عالية لدى شريحة كبيرة من المجتمع.
لا اعتراض لدي البتة في الرسائل الدينية, بل بالعكس {و ذكر
فإن الذكرى تنفع المؤمنين}. لكن المشكلة في كثرة الرسائل و تكرارها, بل و عدم التأكد
من صدق الأحاديث المنقولة. أكاد أجزم أن الأحاديث المكذوبة و الموضوعة بل و المُختَرعة
أحياناً التي قرأتها في الواتساب وحدة, أكثر بكثير من ما قد مر علي في حياتي
كاملة. و هنا أطرح تساؤل مهم جداً, هل وصل الواتساب إلى هذه المرحلة من المصداقية
لدى الناس؟ أتفاجئ و مع كل هذه التقنية الحديثة أن الناس لا تتأكد من صحة الأحاديث
و القصص الدينية اللتي ترد إليهم, بل و يسارعون في نشرها و كأن ذلك يزيدهم و هجاً
و تميزاً. على العكس تماماً, أن تبقى صامتاً خيرٌ من أن تشتهر بكثرة نشر
المغالطات, ناهيك عن خطورة ذلك على الصعيد الديني.
وجه آخر لوجوه الاستخدام السيء للواتساب و هو نشر
الشائعات. أكاد أجزم أن السواد الأعظم ممن يتسابقون في نشر المواضيع, لا يقضون
دقيقة واحدة في التأكد من ما قرأوا. فغالباً مع أول عملية بحث تجريها لمحتوى رسائل
الواتساب تكتشف كذبها و زيفها. أصبح الواتساب بحد ذاته مصدراً, بل و يغلب على
المصادر العلمية. فإذا أردت أن تروج لفكرة معينة, أو تهاجم منتجاً معيناً كل ما عليك
فعله هو أن تكتب رسالة بليغة في الواتساب. تلعب فيها على وتر المشاعر, و تستفتحها
بـ"أثبتت دراسة بريطانية" أو "نصيحة من الدكتور فلان في القطاع
الفلاني" و دع الواتساب يأخذ دورة.
أخيراً, و هو الأمر الأكثر إزعاجاً, على الأقل لي شخصياً.
هو غزارة الرسائل و تكرارها من ذات الأشخاص, فتجده يرسل لك بيت شعر على الخاص و
يرسله نفسه في المجموعات. و يصبح و يمسي عليك في اليوم عشرة مرات, و أم المصائب إن
كان ممن يتفننون في إرسال الصور و عليها عبارات التصبيح و التمسية. لست أنا الوحيد
الذي أختنق من هذا النوع من الرسائل, بل ذاكرة هاتفي أيضاً تكاد تنفجر من صباح
الخير و مساء الخير. الجلي بالذكر, أن هذه الرسائل لا تؤدي الغرض المطلوب منها
أساساً. فلو أرسلت لي سبعين مرةً صباح الخير, و لكن ولا حتى واحدةً منها جاءت
صادقة فكأنك لم ترسل شيئاً. طغى للأسف في الكثير من الناس حب التميز و سرعة النشر
عن المعنى الحقيقي للوصل و التواصل. فمئات الرسائل المزركشة لا تقف أمام كلمةٍ
واحدةٍ صادقة, و هو للأسف ما لم تستطع التقنية تعويضه. فما أنا فاعل برسائل كلامية
لا صدق فيها؟
هل
تتفق معي بأن استخدام الناس للواتساب, بدأ ينحني منحنى مزعج؟ هل تفكر بترك هذا
البرنامج بسبب الاستخدام السيء له؟
للتواصل عبر تويتر - @ALREFAIE99
